almasdar 2-8-13
المصدر السياسي
نشرة يومية مترجمة عن الصحف الاسرائيلية تصدر عن:
"المصدر" عطا القيمري - القدس ت و ف: 5829882 ص.ب: 51367
الجمعة 2/ آب /2013
العدد 7549
قسم العناوين
يديعوت احرونوت:
- تحطموا في ايلات.
- التطعيم وفورا – خطر شلل الاطفال.
- تحقيق جنائي في قضية هرباز.
- قضية هرباز تنتقل الى الشرطة.
- الجاسوس الأصولي.
- نجوم ليو - المحافظ المرشح هاوٍ لقراءة الأفلاك.
- اوباما يتحدث هاتفيا مع نتنياهو وأبو مازن.
معاريف:
- التحقيق مع اشكنازي في الشرطة للاشتباه بخرق الثقة في قضية هرباز.
- الامريكيون يواصلون التسريب: الهجوم الاسرائيلي في اللاذقية لم يحقق هدفه.
- السفير الاسرائيلي في الاتحاد الاوروبي: "المسؤولون في الاتحاد خدعونا بالنسبة للعقوبات".
- أشرطة جديدة من مكتب رئيس الاركان أدت الى تحقيق جنائي ضد اشكنازي.
- الامريكيون يفحصون الترتيبات الأمنية في التسوية مع الفلسطينيين.
- الطائرة أضاعت المسار، الطيار قُتل والمسافران أُصيبا.
هآرتس:
- ألوان الحكم.
- الشرطة تبدأ بتحقيق جنائي ضد اشكنازي ومساعده في قضية هرباز.
- النيابة العامة: لا تُسموا نتان زادة مخربا.
- المستشار القانوني يقرر فتح تحقيق جنائي ضد اشكنازي.
- الاقرار بالقراءة الاولى لقانون أساس: الاستفتاء الشعبي.
- وحل على ضفاف النيل.
- التناقض السوري.
- يد ثانية من مستوطن.
- وليد دقة: أكتب لكم من الزمن الموازي.
اسرائيل اليوم:
- فينشتاين يقرر: تحقيق جنائي ضد اشكنازي.
- التهمة: توجه لايران وتطوع بالتجسس لصالحها.
- قبل لحظة من الهبوط: الطائرة انحرفت وتحطمت.
- التطعيم ضد شلل الاطفال: بين كريات غات ومتسبيه رمون.
- مجلس النواب يقرر: محظور التجارة مع أي جهة ايرانية.
- المسيرة السياسية: مكالمة تشجيع من اوباما.
المصدر السياسي
قسم الأخبــــار الجمعة 2/8/2013
ترجمة "المصدر" عطا القيمري - القدس ت و ف: 5829882 ص.ب: 51367
الخبر الرئيس – المسيرة السلمية – معاريف – ارئيل كهانا:
الامريكيون يفحصون الترتيبات الأمنية في التسوية مع الفلسطينيين../
الى جانب الاتصالات السياسية التي تديرها وزيرة العدل تسيبي لفني، أقام الجنرال السابق جون ألن الذي عينه وزير الخارجية الامريك جون كيري قبل نحو شهرين كوسيط بين اسرائيل والفلسطينيين في مواضيع الامن، فريقا يضم 20 خبيرا انتشروا في اسرائيل، في واشنطن وعمان. هذا ما يتضح من محادثات مع محافل امريكية ضالعة في التفاصيل.
وقد بدأ اعضاء فريق ألن العمل مع نظرائهم الاسرائيليين على صياغة ترتيبات أمنية محتملة في حالة انسحاب اسرائيلي من يهودا والسامرة، وهو نفسه التقى مرتين برئيس الوزراء نتنياهو ومرة واحدة مع وزير الدفاع يعلون. وبسبب الاهمية الشديدة للتوصيات التي سيتقدم بها فريق ألن، يحاول الاطراف الابقاء قيد السر مضامين عمله.
ومع ذلك فان أساس اتصالات ألن، الذي كان في ماضيه قائد القوات الامريكية في افغانستان، تجرى مع جهاز الامن في فريق يضم ممثلين عن شعبة التخطيط في الجيش الاسرائيلي ومن المخابرات الاسرائيلية ايضا. وتعنى المداولات بالجوانب التكتيكية والاستراتيجية للاوضاع المستقبلية الكفيلة بان تقع في المنطقة، من ناحية امنية.
"لا يعنى ألن بترسيم الحدود، ولكنه يفحص بدائل للفضائل التي يمنحها لاسرائيل الوضع الحالي الذي بوسع الجيش الاسرائيلي فيه أن يعمل على الارض كما يشاء"، قال مصدر مطلع على التفاصيل. وعلى حد قوله فان "فرضية العمل هي أنه عندما ستكون دولة فلسطينية، لن يكون بوسع الجيش الاسرائيلي الدخول كما يشاء الى اراضيها السيادية"، ولهذا فان فريق ألن يبحث عن حلول ابداعية ويتوقع التطورات في مدى ثلاثين سنة الى الامام. كما يفحص الفريق مع الاسرائيليين في المعاني العملية لمفهوم "دولة فلسطينية مجردة". وفي هذا السياق تبحث مسائل مثل حجم القوات الفلسطينية، طبيعتها والسلاح الذي سيعطى لها. كما أن حماية الحركة الجوية حول مطار بن غوريون، درست، في حالة انسحاب اسرائيل الى محيط الخط الاخضر.
ولا يعنى الفريق برئاسة ألن فقط "بالوضع النهائي" كما يصف ذلك الامريكيون. بل ويعنى ايضا بالفترة الانتقالية المتوقعة بين الوضع الحالي وذاك الكفيل بان يكون في المستقبل. فرضية العمل هي أن هذه ستكون فترة طويلة. ضمن امور اخرى يدرس الطلب الاسرائيلي لبقاء قوات من الجيش الاسرائيلي على طول نهر الاردن. اضافة الى ذلك، في الجانب الاستراتيجي يفحص الفريق التأثير المتوقع للدولة الفلسطينية على الاردن وعلى العلاقات بين المملكة الهاشمية واسرائيل.
"اسرائيل هادئة اليوم في كل ما يتعلق بحدودها الشرقية، والجيش الاسرائيلي يستثمر هناك جهودا قليلة نسبيا، وذلك لانه يعتمد على الجيش الاردني. ولكن الاردنيين يقومون بالعمل ايضا لانهم يعرفون أنه في الطرف الاخر يوجد الجيش الاسرائيلي. السؤال هو ماذا سيحصل عندما ستكون في الطرف الاخر قوة فلسطينية"، يقول مصدر ضالع في التفاصل. "كيف يمكن الحفاظ على الوضع الذي يكون فيه للاطراف مصلحة في الحفاظ على الهدوء؟ لغرض المقارنة، فان الهدف هو الوصول الى وضع يصمد فيه الهدوء مثلما يحصل في سيناء اليوم. المصريون لا يخرقون الاتفاق بسبب مصلحتهم، رغم أنهم يمكنهم ان يفعلوا ذلك".
ويقول موظف امريكي كبير ان "الافكار التي سيعرضها ألن ستدخل في اجمالات الطواقم السياسية في قناة لفني – عريقات". وفي الجانب الامريكي يشددون على أن "التعاون مع الجيش الاسرائيلي ومع المنظومة الاسرائيلية كامل. فالجنرال يعتقد ان الحديث يدور عن مهنيين وهو راض تماما". وشدد الموظف الامريكي على أن وزير الخارجية الامريكي كيري بادر الى المسار الامني انطلاقا من الالتزام العميق بأمن اسرائيل.
يديعوت – من أورلي أزولاي:
اوباما يتحدث هاتفيا مع نتنياهو وأبو مازن../
أجرى الرئيس الامريكي براك اوباما أمس مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن).
ولم يقدم البيت الابيض تفاصيل عن مضمون المكالمتين، ولكن الميل هو الحفاظ على الزخم تمهيدا للقاء المحادثات التالي للفريقين المفاوضين الذي سيعقد الاسبوع الثاني من آب في القدس وفي رام الله.
وهذا الاسبوع انتهى في واشنطن لقاء المحادثات الاول بين مندوبي اسرائيل والفلسطينيين. وأعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري عن أن النية هي للوصول في غضون تسعة اشهر الى اتفاق يسمح بتطبيق حل الدولتين، دولة فلسطين الى جانب دولة اسرائيل.
واستضاف الرئيس اوباما في البيت الابيض في لقاء قصير مندوبي اسرائيل والفلسطينيين الذين وصلوا للمفاوضات في واشنطن وقال انه يتوقع ان تكون مصاعب في الطريق ويأمل ان يبدي الطرفان مرونة وتصميما لتحقيق حل.
------------------------------------------------------
المصدر السياسي
قسم الافتتاحيات الجمعة 2/8/2013
ترجمة "المصدر" عطا القيمري - القدس ت و ف: 5829882 ص.ب: 51367
هآرتس – افتتاحية - 2/8/2013
زمن الجيش الاسرائيلي الغالي
بقلم: أسرة التحرير
زمن الجيش الاسرائيلي هو بضاعة غالية؛ لا حد ولا مدى للثمن الذي ينبغي دفعه لقاءه. في رد الدولة على التماس سكان ثماني قرى فلسطينية في جنوب جبل الخليل يريد الجيش اخلاءها، قيل أن الدولة تريد ان تطرد 1300 موان من بيوتهم لتوفير زمن للجيش الاسرائيلي.
رد الدولة على الالتماسات التي تبحث في محكمة العدل العليا رفع هذا الاسبوع، بعد عدة تأجيلات. وأفادت عميرة هاس في "هآرتس" امس بان موقف الدولة في محكمة العدل العليا يستند الى التوفير في الزمن وفي المال، النابع من قرب الارض المرشحة للاخلاء، ميدان اطلاق النار 918، من قاعدة التدريب للواء "الناحل" (الشبيبة المقاتلة). "قرب ميدان النار من قاعدة التدريب يسمح بتوفير المقدر الاغلى في مجال التدريب في الجيش الاسرائيلي – مقدر الزمن... فكلما ازدادت المسافة بين قاعدة التدريب وميدان النار، يتضرر زمن التدريب للجنود ونتيجة لذلك تتضرر أهليتهم"، جاء في الرد الوقح للدولة.
زمن الجيش الاسرائيلي بالفعل غالٍ، ولكن العقل لا يحتمل ان بسببه سيحكم على 1300 من السكان بالطرد من بيوتهم والانقطاع عن مصادر رزقهم. زمن الجيش الاسرائيلي غالٍ في نظر الدولة أكثر من مصير مئات من السكان الذين يعيشون في المنطقة منذ أجيال، ولكن يتبين أنه ليس غاليا بما يكفي للنظر في اخلاء سكان المستوطنات في نفس المنطقة، والتي بعضها غير قانوني على نحو ظاهر. أحد لا يتصور اخلاء مزرعة لوتسيبر، سوسيا، معون او متسبيه يئير التي تحاذي ميدان النار 918. زمن سفر الجنود ليس هاما بما يكفي لاخلاء من استوطنوا في هذا القاطع من البلاد بعد الفلسطينيين بكثير، في ظل انتهاك القانون وسلب اراضي الجيران.
ينبغي الامل في أن تتمكن محكمة العدل العليا من فهم مدى انغلاق الحس وروح الشر اللذين ينشآن عن المبررات السخيفة للدولة. المرة تلو الاخرى ينشأ الاشتباه بان خلف كل ميادين النار وهذه الاخلاءات يقف هدف طموح أكثر بكثير: تطهير جنوب جبل الخليل من سكانه الفلسطينيين، بالضبط مثلما تحاول الدولة عمله في غور الاردن ايضا. لقد كان الوقت لوضع حد لهذا التنكيل الذي لا يصدق بحق السكان الذين طرد بعضهم من بيوتهم وقراهم في 1999 واعيدوا بأمر من محكمة العدل العليا. لا توجد أي حجة يمكنها ان تبرر طردهم.
----------------------------------------------------------
المصدر السياسي
قسم التقارير والمقالات الجمعة 2/8/2013
ترجمة "المصدر" عطا القيمري - القدس ت و ف: 5829882 ص.ب: 51367
يديعوت - مقال - 2/8/2013
اذا كانت توجد بشرى
بقلم: ناحوم برنياع
(المضمون: ما زال بعض العاملين حول نتنياهو يؤمنون بأنه لن يمضي حتى النهاية في الاتفاق مع الفلسطينيين وأنه لن يوقع على الاتفاق في نهاية الامر بل يريد كسب الوقت فقط - المصدر).
السؤال هو أتوجد هنا بشرى، وهل سرنا هذا الاسبوع في الطريق الذي يفضي الى انهاء الصراع أو أن جون كيري يقود الطرفين الى الجدار والى فشل معلوم مسبقا، والى انفجار شامل والى دائرة ارهاب وعنف جديدة.
عادت تسيبي لفني أول أمس من واشنطن مشحونة بالحماسة، وقد عاد اللون الى خديها كما يقول الكليشيه. إن لفني هي سياسية تحصر همها في مهمة. بعد خمس سنوات مُرة وعقيمة وغير ذات صلة أعادها التفاوض الى مهمة حياتها. وأنا أُخمن أنها تعلم عميقا في قلبها أن احتمال ان تعود لتكون ما كانت عليه – أي مرشحة لرئاسة الوزراء وزعيمة لأكبر حزب – غير كبير. إن التفاوض هو عودتها.
أكثرت في سنوات المعارضة من زيارة واشنطن. وقد حرصت في كل زيارة على لقاء جون كيري، رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ. ونشأ تقارب وعلاقة حميمة. وقالت له ما هو رأيها في حكومة نتنياهو السابقة وقال لها ما هو رأيه في سياسة اوباما. وللتقارب ثمن: فكيري يشعر بأنه قريب جدا بحيث يسمح لنفسه بشجارها. وسيتشاجران غير قليل من الاشهر القريبة.
وقد إنتشت لفني في الأساس من لقاء صائب عريقات الذي هو نظيرها في الجانب الفلسطيني. وقد ظهر الى الآن وهم المخاوف من ان الفلسطينيين يأتون الى التفاوض لتفجيره. فقد جاء عريقات ليدفع بالتفاوض الى الأمام لا ليدفع الاسرائيليين الى مقعد المتهمين.
لا تؤمن لفني بما تسميه "طريقة الايهودين" باسم اهود باراك واهود اولمرت. فقد دفع باراك عرفات الى داخل غرفة التفاوض في كامب ديفيد، وأعطى اولمرت أبو مازن ورقة وقال له إما أن توافق وإما أن أُزيل الاقتراح عن الطاولة. فهي تؤمن بمفاوضة بطيئة ومنهجية وتدريجية لا بالعمل الخاطف. وقد كررت هذا الكلام ايضا في اللقاء في واشنطن.
ولكيري توجه خاص نحو التفاوض. حينما كان يتولى عملا في مجلس الشيوخ تحدث عن الحاجة الى إملاء امريكي، ويجب على الادارة الامريكية اذا لم يكن الطرفان قادرين على التوصل الى تسوية بينهما أن تعرض خطة منها. ومن حق الطرفين أن يرفضا لكنهما لا يستطيعان توقع أن تُغطي امريكا رفضهما باستمرار المساعدة. وإن حصر كيري عنايته في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو قراره لا قرار اوباما وعنده طموحات كبيرة.
في اثناء الاتصالات السابقة طور كيري عدة مرات اتفاقات الطرفين نحو أعلى. وغضب الطرف المتضرر لكنه خشي إثارة جلبة لئلا يُتهم بتعويق المسيرة بسبب أمر تافه. ولم يبق للمتضررين سوى ان يباركوا ما انتهى الامر اليه. وقد آتى التصميم الذي أدار الاتصالات به أُكله، فقد وافق الزعيمان على دفع أثمان للتوصل الى محادثات، فتخلى أبو مازن عن اثنين من طلباته الثلاثة المسبقة – فلا اعلان بالتجميد ولا التزام باتفاق يقوم على خطوط 1967؛ ودفع نتنياهو بالسجناء وتجميد جزئي للبناء في الضفة.
وكان لكيري انجاز آخر وهو ان الطرفين التزما بألا يُسربا تفاصيل من المحادثات ووفيا بوعدهما. وقد تنازل نتنياهو تنازلا آخر في هدوء شديد: فقد وافق على أن يكون المبعوث الامريكي حاضرا في غرفة التفاوض. وقد فضلت حكومات اسرائيل دائما محادثة الفلسطينيين بلا وسيط فقد افترضت أن للوساطة ثمنا، فهي تُبعد اسرائيل عن امريكا وتجعل مواقف الفلسطينيين متشددة. وقد فضلوا ترك الوسيط لنهاية المسار لا لبدئه.
ونشأت حاجة الى مبعوث خاص يعرف جيدا المنطقة وزعماءها وهو مقبول عليهم وذو تجربة دبلوماسية ثرية، وله صلات جيدة في واشنطن وقريب في تصوره العام من الرئيس ووزير الخارجية. فاختيار مارتن اينديك إبن الـ 63 مفهوم من تلقاء نفسه تقريبا. وقد قضى اينديك فترتي ولاية ناجحتين سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل. وهو يزورنا هنا في أوقات متقاربة. ويراه أبو مازن وسلام فياض وآخرون في الجانب الفلسطيني صديقا. ويعتمد اوباما وكيري عليه.
سيتبين للاسرائيليين في اثناء التفاوض مبلغ كون اسرائيل ومستقبلها وسلامتها وأمنها قريبة من قلبه أو هي في واقع الامر جزء من قلبه. إن الفشل الدائم لجهود السلام قد جعل أكثر المشاركين فيه غير جديين إلا اينديك ولا سيما حينما يكون الحديث عن اسرائيل.
في أحد الجدالات بيننا في استمرار المسيرة اقتبس على مسامعي كلاما قاله ونستون تشرتشل: "لا تتنازل أبدا أبدا أبدا – لا في الامور الكبيرة ولا في الامور الصغيرة". وسيكون هذا شعاره في بداية التفاوض.
الثمن الأدنى
إن نتنياهو، كما يقول أحد الاشخاص الذين تابعون من قريب، يجد في كل يوم على طاولته طائفة من المواضيع التي تحتاج الى قرار، وهو يختار دائما الخيار الذي ثمنه هو الأدنى. إن اعلانا بتجميد البناء في المستوطنات أو تفاوضا على أساس خطوط 1967 كانا يهددان سلامة حكومته. والافراج عن سجناء حتى السجناء من مواطني اسرائيل، مؤلم لكنه غير مهدِّد من الجهة السياسية. ففضل ألماً مؤقتا على تهديد طويل، ومواجهة للعائلات على مواجهة للمستوطنين.
وهذا ما سيكون في التفاوض بعد ذلك، فستنشأ منافسة في الأسعار ومنافسة في الضغوط: وسيكون تحدي مؤيدي الاتفاق ومعارضيه أن يضعوا على طاولة نتنياهو أرخص خيار بالنسبة اليه في تلك اللحظة. وسيخيب أمل من يتوقع خطة أماً شاملة. "إنه يتعوج"، سيصرخ منتقدوه. وسيقول أنصاره ليس ذلك تعوجا بل هو تساوق وليس مُهادنة بل هو استهلاك ذكي. فالمستهلك الذكي يختار دائما أدنى ثمن.
إن نائب وزير الخارجية زئيف الكين متأكد من أن نتنياهو لن يوقع على اتفاق، وهو يقول "الفرق بين ما عرضه اولمرت وما يعرضه نتنياهو لا يمكن التقريب بينهما. ولن يوافق الفلسطينيون على قبول أقل مما عرضه اولمرت عليهم. أنا آمل واؤمن بدرجة 99 في المائة ان نتنياهو لن يبلغ الى الموضع الذي كان اولمرت فيه لأنه لا يمكن ان تكون هناك وتقود الليكود".
وسألت: ما الذي يريده نتنياهو اذا في الحقيقة؟.
"نتنياهو يلعب بالوقت. ستنتهي الاشهر التسعة في أيار 2014. وسيكون الجهاز السياسي الامريكي مشغولا بالانتخابات المتوسطة التي ستتم في تشرين الثاني، وسيصبح اوباما بعد الانتخابات المتوسطة بطة عرجاء".
إن نتنياهو في نظر الكين ينتمي الى ليكود الأمس والى يمين الأمس. وقد كان نصف الاصوات التي ذهبت لليمين في الماضي لما يسميه الكين "اسرائيل عامة". ويوجد اليوم في نواب اليمين الستين 13 للحريديين و17 للقبعات المنسوجة و16 للروس و14 فقط للجمهور العام، فالذي يريد ان يُنتخب في اليمين لا يستطيع ذلك بغير القطاعات.
إن دخول نتنياهو الى التفاوض يُذكر الكين بفترة الانفصال ويقول: "يوجد فرقان. الاول أنه لا يوجد اليوم خيار للمعسكر المعتدل ليفعل ما فعله شارون ولينشيء حزب مركز. وقد كان من عناية الرب ان تجتاز كديما نسبة الحسم وتحصل على نائبين وان تكون تمثالا حيا لفشل الانقسام ذاك وتذكيرا لكل من يفكر في هذا في الليكود. والسبب الثاني ان المركز مليء – فلبيد يملؤه".
قلت: لكن لا أحد يهدد نتنياهو. فقال الكين: "صحيح. كان لشارون نتنياهو الذي كان يمكنه ان يحل محله. وليس لنتنياهو نتنياهو آخر. وليس لليمين في الليكود زعيم. تحدثوا في الماضي عن بوغي يعلون، لكن يعلون يُخيب أمل اليمين مرة بعد اخرى.
"إن نتنياهو غير مهدد من جهة، وهو من جهة اخرى مُعوق. فقد ثار عليه هذا الاسبوع اربعة رؤساء المؤسسات في الليكود وهم: رئيس الكتلة الحزبية ياريف لفين، ورئيس أمانة السر اسرائيل كاتب، وأنا رئيس الديوان ورئيس المركز داني دنون. بل ثار عليه رجله أوفير ايكونيس".
وسألته لماذا عارض إدخال عرب من مواطني اسرائيل في صفقة السجناء. أليس يرى أن حكم عرعرة كحكم نابلس، وأن حكم أم الفحم كحكم رام الله.
قال: "هذا صحيح، لكن يوجد فرق ما لم نضم نابلس. وان الافراج عن قتلة لا يدفع بالسلام الى الأمام".
حينما نتحدث الى معارضي التفاوض في الليكود، يصعب أن نعلم هل معارضتهم حقيقية، أولن يأتي اليوم الذي يقولون فيه ايضا كل واحد في نوبته إن ما يرونه من هناك لا يرونه من هنا. وقد أقسم الكين أن هذا لن يحدث معه. "أنا نائب وزير منذ نصف سنة وما زلت أرى الامور كما رأيتها قبل ذلك"، يقول. إن الجانب الساخر في هذا الامر هو ان اولئك الساسة الذين يبذلون أقصى ما يستطيعون لافشال رئيس وزرائهم، يعملون في موازاة ذلك على إمضاء قوانين تقضي على قدرة المعارضة على كف رئيس الوزراء. وهم لا يعلمون أن القدرة على الحكم تبدأ في البيت.
أسير ضغط
في نيسان من هذه السنة وقف اوفير ايكونيس نائب الوزير المسؤول عن الصلة بين الحكومة والكنيست على منصة الخطباء في الكنيست وقال ما يلي: "أنا مخول بأن أجيب عن الموقف الاسرائيلي: لا يوجد قرار اسرائيلي على الافراج عن مخربين. وآمل ألا يوجد ضغط (امريكي) لأن الضغط لن يساعد. فليست سياسة الحكومة هي الافراج عن مخربين".
وفي هذا الاسبوع اعتذر ايكونيس في صفحته على الفيس بوك: "أريد أن أعتذر للعائلات الثكلى التي فهمت مني أنه لا توجد نية (للافراج عن قتلة أعزائها). ويؤسفني من أعماق قلبي أن جهات مختصة كانت مشاركة في التفاوض قد ضللتني".
وأشار ايكونيس بعبارة "جهات مختصة" اشارة خفية الى مجلس الامن القومي. فقد توجه الى رئيس مجلس الامن القومي الذي ترك عمله، اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور، وسأله لماذا ضللوه، فقال عميدرور إن ما أُبلغ لايكونيس كان صحيحا في الوقت الذي أُبلغ فيه. وصعب على ايكونيس أن يُصدق.
حينما أبلغ رئيس الوزراء الوزراء بأمر صفقة السجناء، تحدث عن 82 سيُفرج عنهم. ولم يكن العدد صحيحا لأن اسرائيل التزمت بالافراج عن 104، وحينما طلب وزراء تفسيرا للفرق أُجيبوا بنفس الجواب وهو انه حينما تحدث نتنياهو عن 82 كان العدد 82. وزاد العدد بعد ذلك تحت الضغط الامريكي.
إن قضية السجناء اذا تجاوزنا الجوانب الشعورية والقانونية التي تصاحبها، تعرض سؤالا دستوريا وهو: هل كذب رئيس الوزراء والعاملون معه؟ وهل يجوز لهم ان يكذبوا ومتى ومن وفي أي المواضيع، ومتى لا يجوز لهم؟.
زعم أحد المقربين من أبو مازن على مسامعي هذا الاسبوع ان كل ذلك سخافات لأنه قُدم منذ بدء التفاوض قائمة أسماء تشمل 104 سجناء منهم 14 من مواطني اسرائيل. ووضعت القائمة في جيب بدلة كيري وفي جيب بدلة نتنياهو ولم يُغير فيها اسم واحد.
اجل، حينما ذكر بوغي يعلون فوق منصة الكنيست عدد 82 سارع احمد الطيبي الى اصلاحه بـ 104 وكان الطيبي صادقا.
يزعم عناصر اسرائيليون مُطلعون على القائمة أن الرواية الفلسطينية غير دقيقة. أولا إن قائمة أسمائهم غير مُحدثة، وثانيا يوجد جدل في التاريخ الذي يؤثر في العدد: فالتاريخ صاحب القرار بالنسبة للاسرائيليين هو المراسم في البيت الابيض في ايلول 1993؛ وهو بالنسبة للفلسطينيين التوقيع على اتفاق السجناء في القاهرة في أيار 1994.
وقد جدّوا وفحصوا في وزارة القضاء ووجدوا ان السجناء الـ 121 هم في السجن منذ كانت اوسلو، ومكّن هذا نتنياهو من التوصل الى مصالحة مؤقتة مع سلفان شالوم ووزراء آخرين ثاروا بسبب الافراج عن الاسرائيليين. يوجد 104: ليس بينهم اسرائيليون الى الآن، وسيُفرج عن الاسرائيليين في النهاية، وحينما يُدخلون الاسرائيليين من جديد، اذا أدخلوهم، فسيأتون بالقرار لتوافق عليه الحكومة.
وأراد أحد وزراء الحكومة ان يفهم التاريخ بصورة أفضل فتوجه الى المحامي موشيه شاحل. كان شاحل في فترة اوسلو وزير الامن الداخلي وكان دافيد ليفئي وزير القضاء. وقد عينهما رابين للفحص عن قضية الافراج عن السجناء: كان في السجون آلاف السجناء الذين اتُهموا بالعضوية في فتح. وبعد ان اعترفت اسرائيل بالمنظمة لم يعد يوجد سبب للاستمرار على إبقائهم في السجون. ووجد آخرون. وطُرح للبحث 3789 سجينا.
"طلب نبيل شعث الافراج عن مواطنين اسرائيليين"، يقول شاحل. "قلت، مِش ممكن. وتكمش شعث ولم يفتح فمه".
وعندما سألت شاحل ماذا كان سيفعل الآن لو احتاج الى مصالحة مبائية فقال: "اؤيد تجديد التفاوض. لو أنهم استشاروني لقلت لهم إتجهوا الى مسار تحديد العقوبة، فيحدد رئيس الدولة العقوبة ويُفرج عنهم. ولا تتجهوا الى هذا الاطار.
"أتقولون انه يجب علينا ان نقوم بتفضل؟ لا بأس. إتجهوا الى السن. واتجهوا هنا الى الجميع".
يتذكر شاحل جيدا متظاهري الليكود الذين بصقوا في وجه أمنون شاحك حينما جاء الى موقع عملية تفجير. "لو أن حكومة لحزب العمل قامت بهذه الصفقة لأنشأوا لنا احتفالا ضخما"، قال للوزير الذي توجه اليه.
واقتنع الوزير وصوت في الحكومة معترضا على الاتفاق.
----------------------------------------------------
معاريف - مقال - 2/8/2013
انهيار المفهوم
بقلم: نداف ايال
(المضمون: مخطيء من يظن أن الامريكيين ليسوا جديين في محاولاتهم، ونتنياهو يعرف أنه بحاجة ال تحصين نفسه سياسيا من خلال ابداء قدر معقول من "الجدية" في المفاوضات السياسية - المصدر).
هل سمعتم هذا الصوت الرقيق؟ انه صوت المفهوم المتحطم. وماذا كان المفهوم؟ ان بدء المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين هو هراء. محاولة أمريكية للشعور بها والسير بدونها؛ فلما كان الاجماع الاكبر هو أنه لا توجد أي فرصة للمحادثات، فان السؤال هنا هو فقط النجاح في العلاقات العامة؛ ان اوباما يسمح لكيري بان يلعب كفارس وحيد بين القبائل الشرق اوسطية لانه هو نفسه قد يئس، ولكن وزير الخارجية الامريكي مقارنة به مليء بالامال، ولا سيما لانه ساذج (احد السياسيين المخضرمين في واشنطن، ولكن بالنسبة للمحللين في اسرائيل – بريء كالرضيع ابن يومه). ثمة من لا يزالون يوهمون أنفسهم بان هذه القصة لا تحصل حقا. وأنها مسرحية واحدة كبرى، فواضح أن الفلسطينيين لا يقصدون هذا، والاسرائيليين بالتأكيد لا يقصدون. وماذا عن الامريكيين؟ فهم يثرثرون حتى الجنون دون قصد حقيقي.
هذه الفرضيات تدفع الناس لاتخاذ القرارات. لندع نفتالي بينيت الذي لا يؤمن للحظة واحدة بانه ستكون مفاوضات جدية – ولهذا فلا يوجد أي سبب يدعوه للانسحاب من الحكومة؛ او اعضاء الليكود الذين صمتوا هذا الاسبوع صمتا نسبيا (التصريحات الغاضبة في الليكود هي صمت نسبي) حيال استئناف المحادثات. الجميع تطرقوا اليها وكأنها دمية ائتلافية: دمية لتسيبي لفني، دمية لجون كيري، دمية لابو مازن.
هذا كان المفهوم. مشكوك جدا أن يكون بعد مجريات هذا الاسبوع في واشنطن لا يزال قائما. نعم، التقدير المتشائم الذي يتوقع فشلا تاما لا يزال الاكثر عقلانية واحتمالا (كون المسيرة السلمية بين الطرفين فشلت منذ عشرين سنة، لا ريب أن الرهان الصحيح هو ضد المسيرة). نعم، شك كبير ان يكون نتنياهو وابو مازن قد اجتازا أنهارا فكرية وتوصلا الى الاستنتاج بانه ضروري الاتفاق الان وفي نيتهما توفير الحلول الوسط الكبرى والمخيفة التي يتطلبها. وبقدر معرفتي، لا يوجد محلل واحد – في الشرق الاوسط او في امريكا – أعرب عن تفاؤل حقيقي بالنسبة للمحادثات. هذا مؤشر يبشر بالشر.
ولكن كل باقي عناصر المفهوم الاستخفافي انهارت. جون كيري أوضح، اوباما أوضح، بيان البيت الابيض أوضح الامر المسلم به: في الولايات المتحدة السياسة الخارجية تدار من البيت الابيض، او كما يقول مصدر في واشنطن: في هذه المدينة الرئيس اوباما ليس الرجل الاهم في الغرفة، هو الرجل الوحيد في الغرفة. التقدير الهاذي في أن جون كيري حصل على صندوق رمال ما يلعب فيه، في الوقت الذي يعتقد الرئيس نفسه بان المسيرة السلمية عديمة الاحتمال وان كيري يدير مشروعا خاصا ما – تبدد تماما. وقد تبدد بعد بيان اوباما وبعد أن التقى الطرفين وبعد الاقوال التي قالها جون كيري بناء على رأي الرئيس: في أنه يعمل بتكليف شخصي من الرئيس الذي كلفه بالمسؤولية عن العمل في ضوء خطابه التاريخي في القدس. والكلمة "التاريخي" بالنسبة للخطاب في مباني الامة ذكرت المرة تلو الاخرى. وكان هذا هو سبيل الامريكيين للتشديد على أن الرئيس تحدث الى الجمهور الاسرائيلي وقال ان السلام صحيح، عادل وممكن. وهو لم يقصد اطلاق شعار آخر. لم يكن هذا خطابا جاء فقط ليقول: "انتم لستم وحدكم". فـ "لستم وحدكم" لم تكن سوى مقدمة لخطاب برنامجي. وعلى اي حال فان فكرة "كيري يعمل وحده" كانت غبية لان المسؤولية في نهاية الامر هي على اوباما. فاذا تفجرت المفاوضات واشتعلت المناطق بانتفاضة ثالثة، فان الرئيس الامريكي سيتحمل مسؤولية الفشل، وهو سيتحملها عمليا وحده. في الثقافة السياسية الامريكية ليس مقبولا القول: حسنا، أعطيت كيري اللعب في صندوق الرمال في الشرق الاوسط، ولم أكن مشاركا كثيرا، ولم أسمع ولم أعرف.
* * *
التوافقات نفسها كانت متوقعة، ولكنها لا تزال ذات مغزى. مفاوضات متواصلة، لتسعة اشهر، دون تسريبات (سنرى ذلك لاحقا) مع التزام الاطراف بالبقاء داخل المسيرة. مفاوضات غايتها تحقيق تسوية دائمة ونهاية للمطالب، اقامة دولة فلسطينية وحل مسائل الامن لاسرائيل، دون مواضيع محظور البحث فيها. ذات مرة كان نتنياهو يقول عن حكومة "وافقت على الحديث" عن القدس. أما اليوم فهو يأتي الى مفاوضات سيجري فيها الحديث ايضا عن اللاجئين. من خلف الكواليس تلقت اسرائيل تعهدا امريكيا في أن نتيجة المفاوضات ستكون الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية. وتلقى الفلسطينيون اعترافا بان الاساس هو خطوط 67. لا توجد هنا مفاجآت، ولكن هذا جزء من معركة الاستنزاف الدبلوماسية.
أين توجد مفاجآت؟ في التفاصيل السرية التي طرحها كيري في محادثاته مع الزعماء. ليس صدفة ان وزير الخارجية الامريكي شدد بعمق على الحاجة الى منع التسريب والى السرية التامة في اثناء المحادثات. وبشكل نادر جدا طلب ايضا عدم تصديق "مقالات أو شائعات" تقول ان الوحيد المخول للحديث هو هو – وهو لن يتحدث. هذه السرية ليست فارغة من المضمون. خلفها يختبىء نهج كيري كله، الذي ينكشف بالتدريج على اصحاب القرار. فهم يسمعون ان المفاوضات لن تبدأ من نقطة السفر، مثلما في الماضي، وان هذه المرة لن تجرى محاولة لابقاء المواضيع الصعبة الى النهاية. ومع تعيين مارتين اينديك القديم والمجرب، الكبير في شؤون اسرائيل والجمهور الاسرائيلي، من الصعب التصديق بان الادارة الامريكية تخرج الى هذه المؤامرة انطلاقا من الفهم بانه ستفل. هذا لا يبدو على هذا النحو.
* * *
توجد مناهج في العلوم السياسية تعتقد بان المسيرات هي ذات امكانية كامنة لتغيير طرق اصحاب القرار؛ وان مجرد الشراكة في المسيرة تؤدي باصحاب القرار الى التغير وتكييف أنفسهم للنفق الذي دخلوا فيه على علم. فالامريكيون يعرفون أن ابو مازن ونتنياهو يأتيان الى هذه الاتصالات وهما شكاكين ومستائين. وهم يفهمون بانه لا يوجد هنا دافع سياسي كبير في الطرفين، ولكنهم يعتزمون خلق مسيرة تضغطهما ببطء نحو القرار الذي يقربهما من الحل الوسط. القرار سيضطران الى اتخاذه وحدهما. التغيير سيحصل او لن يحصل، ولكن الامريكيين يعتزمون "التظاهر بهذا الى ان يتم" (وبالانجليزية يرن في الاذن على نحو افضل: Fake It Till I Make It).
وفي واقع الامر لماذا لا يفعلا؟ مصدر أمريكي اشار هذا الاسبوع بنبرة عملية بان مشروعا مركزيا في مجال الخارجية يمكن لاوباما ان يسيروا نحو بكل القوة هو السلام الاسرائيلي – الفلسطيني. سوريا معقدة اكثر من ان تحل في السنتين القريبتين، في كل الاحوال؛ من افغانستان انسحب؛ العراق بات نظيفا من الجنود الامريكيين؛ مشاريع مثل المواثيق البيئية وتخفيض السلاح النووي العالمي ستستمر لسنوات طويلة؛ مع الصين ستستمر امريكا بالمناكفة قليلا في مواضيع التجارة وتخفيض قيمة العملة. الاماكن الوحيدة التي يلتزم فيها الاطراف، رسميا على الاقل بوساط امريكية ناجعة هم القدس ورام الله. الطرفن متعلقان تعلقا عميقا بامريكا، وفي الواقع لا يمكنهما ان يتعلق باحد آخر. ليس فقط الاسرائيليون الذين اكتشفوا قبل اسبوعين كم هي اوروبا تبتعد، بل وايضا السلطة الفلسطينية التي لا يمكنها أن تسمح لنفسها باغتراب امريكي حتى ولو ليوم واحد. اذا كان ثمة مكان يمكن للرئيس ان يمارس فيه العضلات، كما أجمل المصدر، فهو عندكم.
في واقع الامر، يقول، اين يمكنه أن يحقق الانجازات على الاطلاق؟ الكونغرس منقسم؛ مجلس النواب على ما يبدو لن يحتل من الجمهوريين في الانتخابات القريبة؛ الاصلاح الصحي أقره، ولكن يحتمل أن يتأجل تطبيقه جزئيا، وعلى اي حال الولايات المختلفة تحاول احباطه؛ اصلاحات السلاح فشلت؛ محاولات البيت الابيض التغيير الجذري للاقتصاد الامريكي وشطب عدم المساواة التي تخنق امريكا فشلت تماما في هذه المرحلة. لقد خرج الرئيس الاسبوع الماضي الى سلسلة خطابات في الولايات المختلفة وقد بدت كخطابات انتخابية؛ مؤشر سيء جدا لرئيس مدة نفاد مفعوله تقترب. اذا كان ثمة مكان لا يزال يمكن لاوباما أن يحقق فيه انجازات، فهو على ما يبدو في الخارج. ونزاعكم يبدو فجأة مغريا جدا. وعلى فرض أن هذا سينجح، بالطع. حتى هنا المصدر الامريكي.
ماذا ينقص في هذا التحليل؟ ينقص الواقع، بالطبع. ينقص فهم النية الزعامية لنتنياهو – الفهم الذي لا يوجد لدى أحد في العالم غيره. أنا لا اعرف احدا في الخريطة السياسية يقدر بان نتنياهو سيوافق، في اي سيناريو، على أن يقدم عرضا مشابها لعرض رئيس الوزراء اولمرت على ابو مازن – 97 في المائة من اراضي يهودا والسامرة، ولا توجد اي جهة فلسطينية تعتقد بان ابو مازن سيكون مستعدا لان يقبل أقل من العرض الذي سبق أن طرح عليه.
* * *
مصدر ذو صلة بالمفاوضات قال هذا الاسبوع في حديث خاص انه حل لغز نتنياهو ونواياه. انت تستحق جائزة نوابل، اجابه محادثه، او على الاقل التعيين في منصب محافظ بنك اسرائيل. فما هي نواياه؟
رئيس الوزراء توصل الى الاستنتاد بانه يتعين عليه أن يخلق لنفسه مجال عمل دولي سخي، قال ذاك المصدر، والسبيل الى عمل ذلك يمر في اعادة خطى اولمرت وباراك. اولمرت وباراك، عجب محادثه، ماذا، الانتحار سياسيا؟
تقريبا، اجاب المصدر بارتياح. نتنياهو توصل الى الاستنتاج بان عليه، مثل باراك واولمرت، أن يعرض عرضا سخيا. ان يكون في وضع يقول فيه لكل العالم: انظروا، عرضت على ابو مازن سلاما ودولة وهو رفض. بعد أن فعل باراك واولمرت ذلك نزل العالم عن رقبتيهما. منذئذ وحتى اليوم. وهما يعتبران حصينين من الانتقاد في المجال الفلسطيني. فقد فعلا كل ما يستطيعاه وما شابه.
لا حاجة لنتنياهو أن يعرض على ابو مازن عروضا بعيدة المدى مثلما عرض سلفاه، لا سمح الله، فان رئيس السلطة قد يقبلها. لا، كل ما يحتاج نتنياهو الى عمله هو أن يقترح عرضا محترما. عرضا يمكن الجدال فيه. حلا تاريخيا يلزم اسرائيل بتنازلات أليمة، ولكن ليست أليمة جدا. لنفترض 85 في المائة من الارض. واضح أن ابو مازن سيرفض. يمكن دوما الاعتماد على الفلسطينيين ان يرفضوا. ولكن هكذا يمكن لرئيس الوزراء دوما أن يقول: عرضت. وخلافا لعرض اولمرت، عندي تفويض ايضا باقرار كل مبادرة سلام كهذه. فلعلني عرضت اقل بكثير مما طلبوا، ولكني لا أزال عرضت عرضا "جديا". الرفض الفلسطيني للعرض الاسرائيلي السخي سيغلف نتنياهو بطبقة من المادة اللطيفة والناعمة التي تحصنه وتبقى معه لسنوات عديدة. واذا كانت حاجة، ستبقى معه عميقا في الهجوم على ايران. هذه هي القصة.
انت متهكم جدا، اجابه محادثه.
------------------------------------------------------
يديعوت - مقال - 2/8/2013
مجلس أمن التفاوض
بقلم: اليكس فيشمان
(المضمون: انشاء لجنة امريكية اسرائيلية مشتركة مهمتها النظر في حاجات اسرائيل الامنية لازالة كل اعتراض قد تعترض به اسرائيل على تقدم المحادثات مع الفلسطينيين - المصدر).
كالعادة يبدأون عندنا بحيلة. فبدل سجناء أمنيين يمكن ان يحاولوا ان يدسوا في القائمة سجناء من نوع آخر كأن يكونوا جنائيين مثلا. وهكذا بدل الافراج عن السجناء الامنيين الفلسطينيين الـ 104 الذين حوكموا قبل اتفاقات اوسلو، ستفرج اسرائيل عن 82 سجينا أمنيا فقط من سكان المناطق، أما الباقون وعددهم 22 فسيكونون ايضا سجناء فلسطينيين من الفترة قبل اوسلو، لكن لن يكونوا "امنيين" بصورة سافرة.
احتال نتنياهو هذه الحيلة في 1998 في ولايته الاولى. فقد كان قد عاد آنذاك من جولة اخرى من المحادثات السلمية في مؤتمر واي ريفر في ميريلاند تم الاتفاق في نهايتها على لفتة الافراج عن سجناء فلسطينيين لتحريك المسيرة. وحينما عاد الى البلاد ذُعر كما يبدو من الالتزام الذي أعطاه وبدل ان يفرج عن مخربين أفرج عن لصوص سيارات. وهاج الفلسطينيون وماجوا. وبنظرة متأخرة نقول انه كان يُفضل عدم الافراج عن أحد لأن هذا الاجراء محا ما بقي من الثقة التي كانت موجودة بين الطرفين.
إن الفرق هو ان الرئيس آنذاك كلينتون (كان وما زال) رجلا لطيفا. أما وزير الخارجية جون كيري فهو مهذب حقا لكنه يعرف كيف يكشر عن أسنانه ايضا. انه "لطيف" مثل جيم بيكر تقريبا وزير الخارجية في ادارة بوش الأب، الذي جر رئيس الوزراء اسحق شمير الى مؤتمر مدريد من أذنه. وقد ذاق الفلسطينيون من قبل الجانب غير اللطيف من كيري، فبعد ان سربوا في يوم الجمعة الماضي ان الامريكيين يؤيدون بدء تفاوض على أساس خطوط 1967، وصلت الى المقاطعة في رام الله مكالمة هاتفية بنغمات عالية ومهددة من أحد مساعدي كيري الكبار. وأسقط هذا عن الفلسطينيين شهوة الاستمرار في التسريب، الى الآن على الأقل. وقد وُضع في كفة الميزان أمر رئاسي حرر للفلسطينيين مساعدة تبلغ 150 مليون دولار. وحينما بدأ نتنياهو ايضا يتعوج في أمر السجناء الامنيين قبل اوسلو أوقف كيري ذلك فقال لا 82 بل 104. نقطة. وأوضح قائلا: كما التزمت للفلسطينيين بالضبط أنا وزير الخارجية.
في اثناء المباحثات في خطوات تبني الثقة عرض فريق كيري سلسلة أفكار كأن يتم تمكين الفلسطينيين مثلا من القبول اعضاءا في بعض مؤسسات الامم المتحدة. وتم الكلام على مؤسسات أقل اشكالا بالنسبة لاسرائيل مثل وكالة البريد، لكنها مؤسسات تمنح أبو مازن ميزة دعائية في الطريق الى اعتراف دولي بدولة فلسطينية مستقلة. وسقطت هذه الفكرة. واقترح الامريكيون ايضا الافراج عن 250 – 300 أسير أمني تختارهم اسرائيل لا من الفترة التي سبقت اوسلو خاصة. وسقط هذا ايضا.
ونجح كيري في ان يدفع رئيس الوزراء الى ركن يجب عليه فيه ان يلتزم بلفتة اسرائيلية من طرف واحد من بين ثلاثة امكانات وضعت على الطاولة. ورُفضت فكرة الاعتراف بحدود 1967 أساسا للتفاوض لأن نتنياهو يرى ذلك موافقة مسبقة على نتائج التفاوض النهائية. أما موافقة معلنة على تجميد البناء في المناطق، فكانت تحصر التفاوض في قضية المستوطنات، وأراد الامتناع عن هذا ايضا وهكذا بقي نتنياهو مع الخيار الثالث وهو الافراج عن قاتلين.
ودُفع نتنياهو الى وضع كان يجب عليه فيه ان يتخذ قرارا قياديا لا يحظى بتأييد "الشباك" لكن في مباحثات داخلية تمت في ديوان رئيس الوزراء بحضور وزراء من اعضاء المجلس الوزاري المصغر، نجحوا في ان يجدوا بصعوبة "تسويغا" للاجراء: فالحديث أصلا عن سجناء كان يفترض ان يفرج عنهم في 1993 حينما أفرغت اسرائيل سجونها من آلاف السجناء الامنيين في اطار اتفاق اوسلو. وما زالوا في محيط نتنياهو القريب يصرون على انه لم يلتزم قط بالافراج عن سجناء امنيين عرب اسرائيليين (ويشمل هذا سكان شرقي القدس). ومن هنا نجم العدد 82: فهو عدد السجناء الامنيين قبل اوسلو الذي لا يشمل عربا اسرائيليين.
دورة تربية من جديد
تحدث وزير الدفاع موشيه يعلون هذا الاسبوع عن "ضرورة استراتيجية" حيوية جدا لمصالح اسرائيل ألزمت رئيس الوزراء ان يتخذ القرار الحاسم الصعب على الافراج عن سجناء مع دم على أيديهم. وكان من فسروا ذلك بأنه التزام الرئيس اوباما لاسرائيل في الشأن الايراني أو في شؤون استراتيجية اخرى، لكن الامر ليس كذلك. فالضرورة الاستراتيجية تتعلق مباشرة بعدم لطف كيري. فقد بين وزير الخارجية الامريكي لاسرائيل انها اذا لم تف بالتزامها الافراج عن السجناء الـ 104 فسيتهم اسرائيل بتفجير المحادثات مع كل ما لذلك من أثر على مكانتها الدولية. ويمكن ان نسمي هذا تهديدا ويمكن ان نسميه تربية من جديد: إنني أنا، وزير الخارجية الامريكي، غير مستعد للسخرية مني. وحينما أتعهد لأحد الطرفين فلا يمكن أن لا أفي بذلك.
نشك في ان يستطيع نتنياهو تكرار حيلة السجناء الجنائيين. ويقولون حوله انه لا يحسن حتى البدء بالجدل في ذلك: ان الفلسطينيين لن يخيبوا آمالنا وسيفجرون المحادثات قبل ذلك بكثير لأنه يصعب ان نؤمن بأن يوافقوا على الاعتراف بأن اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي وان يعلنوا انهاء الصراع، كما يُقدرون حول نتنياهو.
لكن في هذه الاثناء ووزير الدفاع يتحدث عن "تقديرات استراتيجية" في الافراج عن السجناء، يُجري العاملون معه من وراء ستار اجراءً استراتيجيا حقيقيا له اسهام مباشر في التفاوض مع الفلسطينيين والعلاقات الامنية بالولايات المتحدة. وقد بدأت من شهر أيار هذا العام لجنة مشتركة اسرائيلية امريكية تعمل وتفحص عن حاجات اسرائيل الامنية في اطار اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ويدرك كيري انه يجب عليه ان يُبطل "العائق" الأكبر للمسيرة (في نظر طرف من الطرفين) أو "حجة" عدم التوصل الى تفاوض ألبتة (في نظر طرف آخر): أي قضايا اسرائيل الامنية.
في 2007 بعد مؤتمر انابوليس عين الرئيس آنذاك جورج بوش الجنرال جيمس جونز ليشتغل بمشكلات اسرائيل الامنية، بيد ان جونز لم يحظ هنا بتعاون، فقد رأوه في اسرائيل عنصرا سياسيا وشكوا أنه يتعاون مع الفلسطينيين ايضا على علم. وفي 2009 أُرسل الى المنطقة الجنرال جون ألين الذي كان يوشك آنذاك ان يُعين قائدا لقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان. وأجرى حوارا مع جهاز الامن وأعد عددا من الوثائق التي تُستخدم في هذه الايام أساسا للمحادثات المجددة على أثر مبادرة كيري. وقد أنهى ألين عمله في افغانستان وذكر اسمه آنذاك في قضية قائده الجنرال باتريوس المحرجة. وتمت تبرئته وكان يفترض ان يعين القائد الاعلى لحلف شمال الاطلسي في اوروبا لكنه تخلى عن المنصب وترك الخدمة في بداية سنة 2013.
في شهر آذار من هذه السنة حينما بدأ وزير الخارجية الامريكي كيري يدحرج التفاوض المجدد توجه الى صديقه وزير الدفاع تشاك هيغل وطلب ان يعيره الجنرال الين ليكون رئيس فريق يفحص عن حاجات اسرائيل الامنية تمهيدا لاتفاق مع الفلسطينيين. وأعطى الرئيس الامريكي مباركته، وفي شهر أيار هذا العام بدأ الجنرال الين يعمل مع اسرائيل. إن هيئة الضباط الاسرائيلية تُجل الين وتُطريه بخلاف الجنرال جونز، فهو جدي وقوي الحضور وصاحب هدف وجنرال لامع. وكل الابواب مفتوحة له حتى أبواب رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
تُبين احاديث الى جهات في الادارة الامريكية ذات صلة بالتفاوض السياسي أن الجنرال الين انشأ هنا فريقا من 20 من الامنيين – ضباط كبار في الخدمة ومتقاعدين وعاملين في وزارة الدفاع الامريكية عملوا معه في الماضي وأناس الملاحق العسكرية في اسرائيل وضباط من قوة التنسيق الامريكية مع الفلسطينيين. وقد جند معهم خبراء مدنيين في مجالات محددة كخبراء بتأمين الحدود. ويعمل هذا الفريق في ثلاث قواعد: في واشنطن وفي السفارة في تل ابيب وفي القدس. والبعثة المقدسية لها اتصال بالفلسطينيين ايضا برغم ان ذلك ليس جزءا من تفويض الفريق.
وتعمل في مقابل الفريق الامريكي لجنة اسرائيلية دائمة برئاسة رئيس شعبة التخطيط اللواء نمرود شيفر، والى جانبه رئيس القسم السياسي الامني في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، ويشارك في عضوية الفريق ايضا عاملون في "الشباك" يباحثون الامريكيين في قضايا السيطرة الاستخبارية بعد خروج الجيش الاسرائيلي من الارض. ووزير الدفاع يعلون هو الذي يوجه الفريق الاسرائيلي.
لا يرسمون في هذه اللجنة خرائط كي لا يدخلوا حقل الالغام السياسي. لكنهم يحاولون الاجابة عن السؤال الرئيس الذي يطرحه نتنياهو مرة بعد اخرى وهو: هبوا أننا خرجنا من الارض وحصل الفلسطينيون على دولة سيادية – فكيف نمنع تحول الضفة الى غزة ثانية؟ إن هذا السؤال الرئيس يتم تحليله في اطار اللجنة الاسرائيلية الامريكية الى مئات القضايا والمعضلات: مثل ماذا ستكون الوسائل الامنية على الحدود بين الاردن والضفة؟ وكيف يتم الدفاع عن مطار بن غوريون في وجه اطلاق نار من الضفة؟ وهل تُنشر قوات متعددة الجنسيات في يهودا والسامرة؟ وكيف تُمنع سيطرة عناصر جهادية على الضفة؟ وماذا سيحدث اذا انهار نظام الحكم في الاردن؟ وكيف سيبدو نزع السلاح في الضفة اذا أخذنا في الحساب انه يوجد هناك قوات فلسطينية مسلحة؟ وكيف سيتم الدفاع عن الكتل الاستيطانية؟ وماذا سيحدث اذا طلبت اسرائيل من الفلسطينيين ان ينفذوا اعتقالات أو يسلموا عناصر ارهابية؟ وهل التسليم متبادل؟ وهل ستستمر اسرائيل في الابقاء على محطات انذار وجمع معلومات استخبارية في الضفة؟.
سكاكر بأربعة مليارات دولار
يرى نتنياهو ويعلون انه لا يوجد شريك فلسطيني جدي يمكن الاعتماد عليه في اطار اتفاق. وهما يريان ان كل ارض ستسلم الى الفلسطينيين ستصبح مركز ارهاب كما تدل تجربة الماضي. ويتوقع الامريكيون من اسرائيل ان تعرض المشاكل وقد اصبحوا يصوغون الحلول. وهم يعلمون ان التهديدات التي تشير اليها اسرائيل مبالغ فيها احيانا ويأخذون ذلك في الحسبان. لكن يفترض ان تصدر اللجنة آخر الامر وثيقة اسرائيلية امريكية تعترف فيها الولايات المتحدة بالتهديدات التي تتعرض اسرائيل لها وبالحلول المطلوبة.
وتعمل اللجنة على الدوام، أما الجنرال الين نفسه فيأتي الى اسرائيل حينما تصل مباحثات في قضية ما الى نضج يوجب قرارات. ويقدرون في اسرائيل ان تنهي اللجنة عملها في غضون اشهر معدودة.
وتوجد ميزة اخرى لهذه اللجنة بالنسبة لاسرائيل لأنه اذا بلغ التفاوض الى مرحلة يتباحث فيها الأطراف في الملحق العسكري – الامني باتفاق السلام فسيكون في يدها تفاهمات واتفاقات مع الادارة الامريكية، وكما سيقف الفلسطينيون في مواجهة اسرائيل وفي أيديهم تفاهمات مع الامريكيين بشأن موضوعات اقتصادية، بالضبط. وسيطلب الى اسرائيل في اثناء التفاوض ان تمنح الفلسطينيين قدرا أكبر من حرية الحركة وان تصدر عددا أكبر من التصاريح للناس والسلع من الضفة وان توافق على مشروعات بنى تحتية وسياحة ويشمل ذلك المنطقة ج التي تسيطر عليها اسرائيل سيطرة كاملة.
وليس هذا كل شيء. لأنه يتبين ان ما بدأ بصفة لجنة ذات تفويض مضيق في مسائل امنية في السياق الاسرائيلي الفلسطيني اتسع ليشمل موضوعات اخرى ايضا لأنه اذا كانوا يشتغلون بالحدود بين اسرائيل وغزة فمن المنطق ان نفترض ان ينتقل ذلك الى قضايا أوسع في الشرق الاوسط تتعلق بالتغييرات الاقليمية الحادة التي تجري في السنتين الاخيرتين.
ويتسع ذلك ليشمل دوائر اخرى. إن لدول الجامعة العربية التي تؤيد مسيرة السلام كالسعودية والاردن والامارات مصالح مشتركة مع اسرائيل. إن ممثلي اسرائيل لا يجلسون في الحقيقة في نفس الغرفة مع السعوديين والقطريين لكن من المؤكد ان الامريكيين يستطيعون التوسط وان ينقلوا معلومات من طرف الى آخر. وإن تأييد الجامعة العربية للمسيرة ليس دعما قويا لأبو مازن فقط بل هو اغراء لاسرائيل لأن نجاح التفاوض سيفتح لها أبواب أكثر من خمسين دولة مسلمة.
إن جون كيري رجل محنك. وكما يعطي الفلسطينيين الرجل الاقتصادية – 4 مليارات دولار لدعم البنية التحتية للسلطة – يقوي اسرائيل ايضا بترتيبات امنية واسعة النطاق. وتُحدث هذه الاحزمة الامنية عند الطرفين باعثا على اظهار مرونة. وقد يكون هذا من وجهة نظر كيري هو الشيء الذي سيفضي هذه المرة الى نجاح التفاوض.
------------------------------------------------------
هآرتس - مقال - 2/8/2013
مستوطنون يؤجرون فلسطينيين اراضي
في غور الاردن خلافا للقانون
بقلم: عميره هاس
(المضمون: إن النقص في الماء والارض الزراعية في غور الاردن يدفع مزارعين فلسطينيين الى ان يستأجروا من جيرانهم المستوطنين ارضا لا يفلحونها هم أنفسهم - المصدر).
يؤجر مستوطنون في غور الاردن بعض اراضيهم لفلسطينيين من سكان الغور ولمواطنين اسرائيليين، لكن الطرفين يفضلان الابقاء على هذا سراً. وتقول جهات اسرائيلية رسمية انها لا تعرف بذلك وانه ليس الحديث على كل حال عن ظاهرة بل عن حالات هامشية فقط.
ويضطر الفلسطينيون الى الاستئجار بسبب النقص في الارض والماء الذي سببته سياسة اسرائيل في الغور، وبسبب القيود التي تفرضها على تسويق منتوجاتهم. ويؤجر الاسرائيليون لأن عددهم القليل لا يناسب مساحة الارض الواسعة جدا التي خصصتها الدولة للمستوطنات منذ كان احتلال الضفة في 1967. ويناقض هذا الايجار قواعد المجلس الاقليمي غور الاردن ولواء الاستيطان (الذي يملك في واقع الامر باسم الدولة أكثر الاراضي الزراعية في غور الاردن). ويحظر دستوره ايجار ارض لغير مواطنين. ومع ذلك فان الايجار يحرج الفلسطينيين لأن الارض المفلوحة هي ارض صادرتها اسرائيل بوسائل مختلفة من بلدات وسكان فلسطينيين وخصصتها لمستوطني غور الاردن.
تحدثت صحيفة "هآرتس" الى نحو من عشرة فلسطينيين في اماكن مختلفة في غور الاردن يستأجرون ارضا من سكان عدة مستوطنات. وأخفى عدد منهم في البداية حقيقة ان هذا استئجار وقالوا انهم أجراء للاسرائيلي الذي يملك الارض. وقال عدد آخر ان الظاهرة – التي تعرف باسم "ضمان" – موجودة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي على الأقل حينما طبقت اسرائيل نظام تصاريح الحركة الذي حدد حركتهم لكنه قوي في الألفية الثالثة في موازاة اغلاق سوق العمل الاسرائيلية في وجه أكثر سكان الضفة. وتراوح مساحة القسائم التي يستأجرها الفلسطينيون من المستوطنين بين بضعة دونمات للفرد ومئات الدونمات.
إن عددا من المستأجرين مواطنون اسرائيليون يهود وعرب يُشغلون عمالا فلسطينيين من سكان الغور. وفي بعض الحالات يوقع المستأجر الاسرائيلي على الوثائق فقط أما الدافعون والفلاحون في واقع الامر فهم أقرباؤه وهم فلسطينيون من سكان الغور. وفي بعض الحالات وبخاصة حينما لا تكون قطعة الارض المستأجرة كبيرة تتم الصفقة بلا توقيع على أية وثيقة. وتوجد حالات معدودة ايضا لشراكة بين يهودي وفلسطيني من سكان الغور.
إن درور اتاكس الذي يبحث في سياسة السيطرة الاسرائيلية على اراضي الضفة الغربية وأنهى في هذه الايام مشروع رسم خرائط وتحليل للزراعة الاسرائيلية في الضفة، يقول انه نجح في رسم خرائط نحو من ستة آلاف دونم في غور الاردن يؤجرها اسرائيليون لفلسطينيين (أو لاصحاب صلة بهم) وانه يُقدر ان الظاهرة أوسع.
وجاء عن الادارة المدنية ان ذلك الامر غير معروف. وقال رئيس اللجنة الزراعية في المجلس الاقليمي غور الاردن، تسفي أفنير لصحيفة "هآرتس" انه شخصيا لا يعرف حالات كهذه. "قد يكون هذا يحدث هنا وهناك في الهوامش"، قال لكنه أصر ان تلك لا يمكن ان تكون ظاهرة واسعة، بيقين. ويزعم افنير ايضا ان كل اراضي المستوطنات في غور الاردن هي اراضي دولة. ويكون المستأجرون في بعض الحالات سكان بلدة بعيدة عن الارض المفلوحة وهم ينامون في الارض طول الاسبوع. وفي كثير من الحالات تكون الارض المستأجرة بعيدة عن المستوطنة نفسها، ويقول اتاكس ان هذا في حد ذاته عامل محفز للمستوطنين الى تأجير الفلسطينيين الارض.
قال جميع المستأجرين لصحيفة "هآرتس" ان منتوجاتهم تصنف على انها "اسرائيلية"، ولهذا لا يجب عليهم ان ينقلوها الى اسرائيل عن طريق حواجز بعيدة كما يجب عليهم ان يفعلوا بالبضاعة "الفلسطينية". وهذا من وجهة نظرهم توفير مهم للتكاليف. ومع ذلك يشتكي المستأجرون من انهم لا يربحون تقريبا في أكثر الحالات بل انهم تصيبهم خسائر بسبب المنافسة القاسية مع المزارعين الاسرائيليين الذين يملكون دعما حكوميا وآلات متقدمة.
وتحدث المستأجرون الى اتاكس وصحيفة "هآرتس" انهم يدفعون من 40 شيكل للدونم الواحد في السنة (حينما تكون زراعة بعلية موسمية) الى نحو من 300 شيكل عن الدونم الواحد في مناطق فيها بنية مائية تحتية. والدفع عن الماء مفصول ويدفع الفلسطينيون الى الاسرائيليين نحوا من 3 شواقل عن كل متر مكعب. وهذا الدفع يضمن ربحا للمؤجر لأن الدفع الذي يُجبى منه عن الماء الذي استهلكه أقل من ذلك كثيرا. وقال افنير لصحيفة "هآرتس" ان المزارعين الاسرائيليين يدفعون في المعدل في غور الاردن 2.1 شيكل عن المتر المكعب من الماء. وتبلغ الحصة من الماء للمزارع الاسرائيلي في غور الاردن 42 ألف متر مكعب لكل قطعة ارض تبلغ مساحتها 35 دونما، وتُقسم الرسوم الى ثلاثة اسعار ثانوية والسعر المنخفض (1.9 شيكل) هو لنحو من 50 في المائة من الحصة كلها.
سيطرت اسرائيل على مر السنين بطرق مختلفة على نحو من 77 في المائة من اراضي غور الاردن (1.250.000 دونم من 1.612.000)، هي الاحتياطي الطبيعي من الارض للبلدات الفلسطينية – للرعي وللفلاحة الزراعية.
إن غور الاردن غني بصورة مميزة بموارد الماء الطبيعية. ويرونه في السلطة الفلسطينية مصدر الغلة في المستقبل للدولة الفلسطينية ومنطقة يمكن ان يستوطنها الناس وان تُطور كنظيرتها في الضفة الشرقية. لكن اسرائيل ما زالت تسيطر بحسب اتفاقات اوسلو المؤقتة على موارد الماء في الضفة الغربية وتحدد حصص الماء للفلسطينيين بواسطة الفيتو الذي لها على التنقيب عن ماء جديد للفلسطينيين ورفضها الموافقة على اعادة بناء آبار خربت.
إن أكثر تنقيب اسرائيل عن الماء في الضفة الغربية – نحو من 69 في المائة – في غور الاردن. ويُنقل الماء المستخرج الى مستوطنات الغور وحدها والى عدد من القرى الفلسطينية في شمال الغور ومركزه وهي التي جففت اعمال التنقيب الاسرائيلية آبارها تماما وهي تحصل من "ميكوروت" على حصة الماء التي أخذت تقل من سنة الى اخرى.
بحسب تقرير "بتسيلم" في سنة 2012، خصصت اسرائيل في 2008 لنحو من 10 آلاف من سكان مستوطنات غور الاردن وشمال البحر الميت 44.8 مليون متر مكعب من الماء خُصص 97.5 في المائة منها (43.7 مليون متر مكعب) للزراعة. ان 70 في المائة من الماء مصدره تنقيبات "ميكوروت"، والباقي – موارد ماء المطر والغدران ومياه الصرف الصحي. وعلى حسب معطيات سلطة الماء الفلسطينية، يستطيع نحو من 2.5 مليون الفلسطيني من سكان الضفة الغربية ان يتناولوا نحوا من 150 مليون متر مكعب من الماء لجميع الاستعمالات (الاستهلاك المنزلي والصناعي والزراعي). أي انه خُصص لسكان يبلغون نحوا من 10 آلاف ثلث الكمية التي خصصت لنحو من 2.5 مليون انسان. وتفسر هذه الفروق لماذا يبحث الفلسطينيون عن ارض لاستئجارها من المستوطنين مع حصة الماء المخصصة لـ "قطعة الارض الاسرائيلية".
لا يجوز تأجير من ليس مواطنا
يقول افنير رئيس اللجنة الزراعية في المجلس الاقليمي غور الاردن منذ 17 سنة انه لا يعرف ظاهرة تأجير الفلسطينيين اراضي. وقال لصحيفة "هآرتس": "توجد حالات شاذة في كل مكان. لكن ليس لا يجوز فقط التأجير لغير المواطنين بل توجد عندنا قواعد واضحة جدا: (على فالح الارض) ان يسكن في الغور وان يكون عضوا في الجمعية الزراعية. ويجب ان يوجد الشرطان معا".
وبحسب معطيات افنير ايضا فان سكان غور الاردن الاسرائيليين بعيدون عن استغلال احتياطي الارض الذي خصصته الدولة لهم وذلك برغم التطور الذي حدث كما قال في السنوات العشر الاخيرة من جهة التطوير الزراعي في الغور.
تبلغ المساحة الادارية لمجلس غور الاردن 881 ألف دونم. وتبلغ مساحة الاراضي للزراعة الاسرائيلية 115.179 دونما منها 69.742 دونما ارض تناسب الفلاحة فورا (أي انها لا تحتاج الى اعداد خاص للارض). ومع كل ذلك وهذا صحيح الى 2011، حينما عرض أفنير المعطيات في مؤتمر سنوي للمجلس كانت مساحة المنطقة التي يفلحها اسرائيليون 36 ألف دونم فقط.
يقول افنير ان المزارعين الاسرائيليين في الغور يستأجرون اراضي اخرى من جيرانهم في المستوطنات وهذا الامر طبيعي لأن المساحة التي حددت في ستينيات القرن الماضي (35 دونم لكل منزل) لا تناسب اسلوب الزراعة اليوم. وكان في كل مستوطنات المجلس، وهذا صحيح الى 2011، 727 عائلة عملت في الزراعة برغم انه يوجد مكان بحسب تخصيص الارض لـ 1426 عائلة زراعية. ولم تتغير المعطيات تغيرا كبيرا منذ عرضها، قال افنير لصحيفة "هآرتس". وبرغم ان الاسرائيليين في الغور لم يسيطروا الى الآن على كل حصة الاراضي الزراعية التي أُتيحت لهم استقر رأي وزارة الزراعة في 2011 على زيادة مساحة قطعة الارض المخصصة لكل عائلة من 35 دونما الى 80 دونما وعلى زيادة حصة الماء الى 21 ألف متر مكعب. ويقول افنير ان القرار لم يطبق بعد.
لكن بحسب ما يقول اتاكس فان المساحة الاسرائيلية المفلوحة من اراضي المجلس الاقليمي غور الاردن أكبر بضعفين وتبلغ نحوا من 69 ألف دونم. وتقول حساباته على خرائط تفصيلية لكل قطعة ارض في المنطقة. ورد أفنير على هذا المعطى متعجبا وقال: "ليته كذلك". ومهما يكن الامر فقد فشلت اسرائيل برغم النمو الزراعي في السنين العشر الاخيرة في نواياها ان تجذب الى الغور مستوطنين اسرائيليين كثيرين. ويقول اتاكس ان تأجير الارض للفلسطينيين شهادة ساخرة اخرى على ذلك.
----------------------------------------------------
اسرائيل اليوم - مقال - 2/8/2013
فشل معروف مسبقا؟
بقلم: أبراهام بن تسفي
(المضمون: مشكوك أن تسمح طبيعة النزاع في المجال الفلسطيني بالتقدم في صيغة متعددة المراحل. الخيار العملي اكثر قد يكون "خيار الخطوة". لخطوة وحيدة يوجد احتمال أكبر في تحقيق اتفاق يتحقق، طالما انقطع عن سياقات اخرى في النزاع - المصدر).
يوم الاثنين الماضي، بعد نحو ثلاث سنوات اعيد من جديد في واشنطن تحريك المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ومع بدء المحادثات يجدر فحص ماذا حققت الدبلوماسية الدولية في الشرق الاوسط في العقود الستة الاخيرة. الصورة التي تنشأ عن الجملة الطويلة من محاولات تسوية النزاع الاسرائيلي العربي بشكل عام والنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني بشكل خاص تشير الى فشل كل الجهود، التي بادر اليها عدد لا يحصى من الوسطاء. وبالمقابل، عندما كان تطلع الوسطاء أكثر تواضعا وركز اساسا على وقف القتال، تتوج عملهم، في ظروف معينة، بالنجاح.
بتعبير آخر، عندما تكون على جدول الاعمال المسألة الاساس للمصالحة والتسليم بوجود دولة اسرائيل، من جانب اصحاب القرار العرب، فان الوسيط الاكثر خبرة ما كان قادرا على ان يحطم جبهة الرفض العربية – ويجلب السلام.
في الظروف التي اتجه فيها جل الجهد الدبلوماسي الى العثور على نقطة الاشتعال، رأى، بين الحين والاخر، بعض من الوسطاء البركة في عملهم. وذلك بشكل خاص عندما كان ينطوي على استمرار المعارك خطر ملموس من التصعيد الواسع. في هذه الاوضاع لم تتردد الولايات المتحدة في استخدام روافع تأثير ذات نزعة قوة ثقيلة الوزن على اسرائيل، وفي نهاية المطاف اجبرتها على الموافقة على وقف النار.
واحد من الوسطاء الابرز كان هنري كيسنجر، الذي شغل منصب وزير الخارجية ومستشار الامن القومي الامريكي في عهد الرئيسين ريتشارد نكسون وجيرالد فورد. وقد كان من الدبلوماسيين القلائل الذين فهموا قيود مسيرة الوساطة، وبالتالي، حتى عندما حاول تجاوز الهدف الاولي، الذي وجه خطاه في تشرين الاول 1973، امتنع عن كل خطوة طموحة ترمي الى تحقيق تسوية شاملة للنزاع دفعة واحدة.
بدلا من ذلك بلور كيسنجر صيغة متدرجة ومدروسة، وهكذا أمل في أن يؤجل بالنسبة للعالم العربي، قدر الامكان، الاعتراف باسرائيل والى جانب ذلك يعثر على نقاط التوافق المحدودة بين الخصوم. وكان يفترض بهذه النقاط ان تساعد على بناء الثقة بين الاطراف مما يمنحهم الحافز للتقدم نحو التسوية. ولكن حتى هذا المحنك الدبلوماسي لم ينجح في تحطيم الجمود السياسي. الاتفاق المرحلي في سيناء، الذي تحقق برعايته في ايلول 1975، بقي خارج السياق المتواصل، وكل مرحلة في اطاره كان يفترض أن تمهد التربة للمرحلة التالية. اما عمليا فكانت النتيجة معاكسة – التوقيع على الاتفاق لم يرمز الا الى النهاية المبكرة لاستراتيجية المراحل التي اتبعها.
وعندما تحقق، في اذار 1979 السلام الاسرائيلي – المصري، فقد استند الى اقانيم مختلفة جوهريا، وعكس زعامة وتفكر رئيس الوزراء مناحيم بيغن والرئيس المصري انور السادات. لم تكن هذه مبادرة امريكية ما هي التي ادت الى وجوده. فضلا عن ذلك، يمكن ان نرى في بداية مسيرة التسوية تحديا اسرائيليا – مصريا مشتركا لمحاولة الرئيس جيمي كارتر عديمة الجدوى في العام 1977، او يسوي، في مؤتمر سلام واحد، كل عناصر النزاع، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
تكرار النغمة اللاذعة
كارتر لم يكن الاول الذي اعتقد بانه يمكن انهاء النزاع دفعة واحدة وفشل. وزير الخارجية وليم روجرز هو الاخر لم ينجح في ان يحقق في 1969 تسوية شاملة بين اسرائيل ومصر والاردن.
صورة مشابهة من عدم النجاح تنشأ عن تحليل محاولات الوساطة في المجال الفلسطيني. في صيف 2000 تحطمت قمة كامب ديفيد. فقد كان رئيس الوزراء ايهود باراك، هو الذي خطط لانهاء النزاع، والرئيس الامريكي بيل كلينتون تجند للخطوة. ورغم الدور الامريكي العميق واستعداد باراك لاجتياز خطوط حمراء متجذرة (منح سيادة كاملة على الحي الاسلامي وعلى حارة النصارى للسلطة الفلسطينية، مقابل الحفاظ على السيادة الاسرائيلية على حارة اليهود وحارة الارمن؛ وانسحاب بحجم نحو 92 في المائة في يهودا والسامرة) – لم يكن رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات مستعدا لقبول التحدي. بعد شهرين فقط من فشل كامب ديفيد اندلعت الانتفاضة الثانية، ومعها اسدل الستار ايضا على مساعي الوساطة التي قام بها كلينتون.
مصير مسيرة انابوليس هي الاخرى، التي اطلقها الرئيس جورج بوش الابن في تشرين الثاني 2007، لم يكن افضل. فبعد مرور سنة، ورغم مساعي وزيرة الخارجية كونداليزا رايس لبلورة تفاهمات بين الطرفين بالنسبة للمبادىء والخطوط الهيكلية للاتفاق الدائم الاسرائيلي – الفلسطيني، علقت المسيرة في طريق مسدود. ورغم حقيقة أن رئيس الوزراء ايهود اولمرت سار بعيدا في عروضه الاقليمية، لدرجة تتجاوز التنازلات المبالغ فيها من باراك لم تكلف السلطة الفلسطينية نفسها عناء الرد على العروض الاسرائيلية. ودخلت كل المسيرة في جمود.
على خلفية هذه الصورة يطرح السؤال، ما الذي تغير مع المحادثات الحالية؟ لا ريب ان رئيس السلطة الحالي، ابو مازن، انجر رغم انفه الى ميدان المفاوضات المفتوح. حتى في المستوى الامريكي لا يعتبر بدء المفاوضات يعكس التزاما رئاسيا عميقا بالتسوية. "محادثات واشنطن" هي وليد خطوات نشطة اتخذها وزير الخارجية جون كيري، ولا تعكس الموقف الشكاك للبيت الابيض. وبالفعل، عندما تكون سوريا تنزف وفي مصر انقلاب عسكري عنيف، يتخذ تركيز كيري على صيغة التسوية الفلسطينية صورة منقطعة ظاهرا عن سلم اولويات الرئيس براك اوباما.
يبدو بالتالي فان مفتاح نجاح المحادثات يكمن في تقليص رؤيا كيري وفي تبني استراتيجية "الخطوة خطوة" التي اتخذها كيسنجر. ومع ذلك، مشكوك أن تسمح طبيعة النزاع في المجال الفلسطيني بالتقدم في صيغة متعددة المراحل. الخيار العملي اكثر قد يكون "خيار الخطوة". لخطوة وحيدة يوجد احتمال أكبر في تحقيق اتفاق يتحقق، طالما انقطع عن سياقات اخرى في النزاع. اذا ما وعندما يتحقق مثل هذا النوع من الاتفاق، سواء كان أمنيا، أو عني بمسألة الحدود، فانه كفيل بان ينشيء وضعا راهنا مستقرا أكثر، يمنح الطرفين الوقت لاستيعاب التغيير. كل هذا، على أمل ان تسمح الظروف الجديدة، في المدى الابعد، بمحاولات اخرى تصل الى مطارح السلام.
الاشهر القريبة القادمة ستوضح بالتالي اذا كانت المحادثات ستكون محفزا لتقدم من مرحلة واحدة، ام ربما ستكون ليس أكثر من عزف آخر لذات النغمة اياها.
------------------------انتهت النشرة ---------------------