Al-Masdar One

معاريف – من ايلي بردنشتاين:

اتصالات بين الولايات المتحدة، سوريا وروسيا على نزع السلاح الكيميائي من الاسد../ تخوف في اسرائيل: تأخير الهجوم سيعزز ايران وحزب الله../

نافذة الفرص لايجاد حل سياسي - دبلوماسي يلغي العملية العسكرية ضد سوريا، فُتحت مع بيان الرئيس اوباما أول أمس عن نيته تلقي "ضوء اخضر" من الكونغرس لمثل هذه العملية. وتوفر المعارضة للعملية العسكرية في اوساط الأسرة الدولية، وفي الرأي العام الامريكي كذلك، المساحة الزمنية اللازمة للبحث في حلول اخرى، غير عسكرية.

         

ولكن هذه الخطوة المعتدلة من جانب اوباما مقلقة على نحو خاص ليس فقط بسب

ب رد فعل النظام السوري بل وبالأساس لآثارها على السباق النووي الايراني. ففي اسرائيل يعتقدون بأن هجوما امريكيا في سوريا سيؤكد أهمية الولايات المتحدة في المنطقة ويوجه رسالة حازمة لايران ولمحافل متطرفة اخرى في المنطقة كحزب الله. رجال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذا السفير الاسرائيلي في واشنطن مايكل أورن يُقدرون بأن الادارة بقيادة اوباما تسعى الى تقليص التواجد العسكري الامريكي في المنطقة وتشديد التركيز على المشاكل الامريكية الداخلية ونقل بؤرة الاهتمام من الشرق الاوسط الى الشرق الاقصى. ولهذا فان نتنياهو يخشى من أن يكون التردد الامريكي للعمل في سوريا يبث لايران رسالة أن الولايات المتحدة لن تعمل عسكريا كي توقف برنامجها النووي وسيُصعد ايضا من دوافع منظمات كحزب الله لدفع الواقع الامني في الشرق الاوسط الى التدهور.

          كما أنهم في القدس يخشون من أن تبقى اسرائيل وحدها في التصدي العسكري حيال النووي الايراني، دون الولايات المتحدة، على الأقل ليس في الضربة الاولى. كما أن هناك من يُشككون في أن توفر الولايات المتحدة مظلة سياسية لاسرائيل على مدى الزمن، في اليوم التالي للهجوم.

          وتعلن اسرائيل بأنها لا تتدخل في ما يجري في سوريا ولا تدفع نحو عملية عسكرية. ومع ذلك، فان نتنياهو، كما أسلفنا، كان يود لو أن تكون عملية امريكية موضعية في سوريا تعيد المصداقية لواشنطن وتعزز الردع الامريكي في المنطقة.

          وأطلع اوباما نتنياهو قبل عدة ساعات من البيان الذي أصدره عن تأجيل العملية العسكرية، ومعقول الافتراض بأنه أطلع ايضا الملك الاردني عبد الله ورئيس الوزراء التركي اردوغان، زعيمي البلدين الحليفتين الأخريين للولايات المتحدة في المنطقة. وقد تصرف اوباما على هذا النحو كي تتمكن اسرائيل من إزالة حالة التأهب في شمال البلاد، ولكن من غير المستبعد أن يكون فعل ذلك ايضا كي يمنعها هي ومحافل سياسية اخرى في اسرائيل من انتقاد قراره تأجيل الهجوم.

          ولا بد أن نتنياهو يرحب بالبادرة التي قدمها اوباما في بيانه المسبق قبل أن يخرج ببيانه الرسمي، بل إن رئيس الوزراء وبخ علنا وزير الاسكان أوري اريئيل الذي سارع الى انتقاد قرار الرئيس الامريكي في مقابلة اذاعية. فقد لذع نتنياهو اريئيل إذ صرح يقول "لو سمحتم، لا تتصرفوا بانعدام تفكير وانعدام مسؤولية تجاه حليفتنا كي تحظوا بعناوين اللحظة. أدعوكم جميعا الى مواصلة التصرف بمسؤولية، هذا هام لأمن كل مواطني اسرائيل". ومع ذلك فان نتنياهو جد غير راضٍ عن تأجيل الهجوم وهو يحس بأن هذه خطوة في الطريق الى "دفن" فكرة العملية العسكرية.

       بانتظار الجمعية العمومية للامم المتحدة

          بتقديري دبلوماسيين اجانب رفيعي المستوى، فان نافذة الزمن التي فتحها اوباما لحل سياسي في سوريا حتى الهجوم العسكري أكبر بكثير مما عرضه أول أمس. فمع أن الكونغرس سيبحث في العملية العسكرية بعد نحو ثمانية أيام ولكن العيون تتطلع الى الجمعية العمومية للامم المتحدة التي ستُفتتح في 17 من هذا الشهر في نيويورك. وفي هذا الموعد تقريبا سيكون فريق المراقبين الذي عاد من دمشق جاهزا لعرض استنتاجاته على استخدام نظام الاسد للسلاح الكيميائي. وفي الساحة الدولية توجد محافل عديدة تفضل البحث في موضوع السلاح الكيميائي وكذا في الحرب الأهلية في سوريا، في هذا الاطار.

          حتى قبل ايام قليلة كان الافتراض في اسرائيل وفي الغرب بأنه فقط بعد هجوم موضوعي في سوريا سيكون ممكنا العودة الى القناة لمحاولة ايجاد حل سياسي، سواء في موضوع مستقبل السلاح الكيميائي لدى الاسد أم في انعقاد مؤتمر سلام دولي يضع حدا للحرب الأهلية في الدولة الممزقة. وكان التقدير أن اوباما سعى من خلال العملية العسكرية الى ردع الاسد عن استخدام واسع آخر للسلاح الكيميائي. وبثت الادارة الامريكية إلحاحا بعملية عسكرية وفي اسرائيل اعتقدوا بأن مثل هذه العملية، اذا ما وقعت، فستكون في غضون ايام، وبعد ذلك يكون ممكنا الحديث عن حلول سلمية.

          غير أن اوبام فاجأ، وفي ضوء ضعفه السياسي وربما ايضا بسبب فكره المعتدل، أمر بتخفيض مستوى النار.

       فرصة للقاء القمة

          الآن لا توجد أي مشكلة في الجداول الزمنية. من المتوقع بعد غد أن يصل اوباما الى مؤتمر الدول الصناعية العشرين الكبرى، في سانت بطرسبورغ في روسيا. ويدعي مستشارو الرئيس الروسي فلادمير بوتين بأنه ليس مخططا لقاء شخصي بين الزعيمين وذلك بعد أن ألغى اوباما زيارته التي كان يزمع عقدها الى الدولة على خلفية قرار الروس منح ملجأ مؤقت للمُسرب ادوارد سنودان الذي طلبت الولايات المتحدة تسليمه اليها – ورُفض طلبها. ولكن لا ينبغي استبعاد امكانية أنه في نهاية المطاف يكون مثل هذا اللقاء بالفعل كجزء من محاولة حل مشكلة سوريا بالقنوات السياسية وليس العسكرية.